الرئيس الامريكي يهدد ايران باستمرار.
السيناريو العسكري المرجح
يستبعد المحللون والخبراء قيام الولايات المتحدة بغزو بري لإيران، ويرجحون أن تعتمد بشكل رئيسي على القصف الجوي المكثف (بواسطة الطائرات وصواريخ "توما هوك") للمنشآت النووية والعسكرية الإيرانية.
ونظراً لوجود قواعد عسكرية أمريكية رئيسية في دول الخليج، فضلاً عن تسهيلات الدعم والإسناد بمختلف أنواعها في هذه الدول، يرى مراقبون أن الأنسب انطلاق أي ضربة جوية باتجاه إيران من هذه الدول.
وهذا ما يضع دول الخليج في حرج شديد، لأن كل دولة ملتزمة باتفاقية دفاعية ثنائية مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه ترتبط مع إيران بعلاقات حسن جوار.
ولكن كيف يمكن لدول الخليج العربي أن توفق بين هذين المتطلبين المتناقضين؟
رغم تصريحات المسؤولين الخليجيين، من أنها لن تسمح للطائرات والصواريخ الأمريكية بالانطلاق من أراضيها، إلا أن لا غنى للولايات المتحدة عن استخدام المعدات المتقدمة والتسهيلات المختلفة القائمة في منطقة الخليج، لتنفيذ مثل هذه العملية، إن تطلب الأمر.
ومن ثم، فقد ترفض دول الخليج السماح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها وأجوائها منطلقاً لأي أعمال "عدائية" ضد إيران، ولكنها في الوقت نفسه قد تتيح لهذه القوات استخدام التسهيلات المختلفة في تنفيذ مثل هذه الأعمال.
ويذكر أن هذا التصرف كانت له أمثلة سابقة عدة.. فالبحرين لم تسمح للطائرات الأمريكية بالانطلاق من الأراضي البحرينية لضرب العراق في أثناء عملية "ثعلب الصحراء" عام 1998، وإن كانت لم تمانع من استخدام الولايات المتحدة التسهيلات الأخرى في هذه العملية.
وكذلك السعودية، التي لم تأذن للطائرات الأمريكية المرابطة في "قاعدة الأمير سلطان الجوية" بالمشاركة في ضرب العراق عام 2003، لكنها لم تعارض قيام مركز العمليات الجوية المشتركة في القاعدة، بتنسيق الحرب الجوية.
والأمر نفسه ينطبق على الإمارات العربية المتحدة، التي رفضت استخدام قواعدها أو أجوائها لتوجيه ضربات لأفغانستان خلال الحرب عام 2001، لكنها لم تمانع من أن تستخدم الولايات المتحدة طائرات الاستطلاع والتزود بالوقود المرابطة في "قاعدة الطفرة" في تنفيذ العمليات.
ولكن يبقى السؤال المطروح هو: إذا ما رفضت دول الخليج استخدام أراضيها منطلقاً لأي أعمال عدائية ضد إيران، وسمحت للقوات الأمريكية باستخدام التسهيلات المساندة واللوجستية، فهل سينظر الإيرانيون إلى هذا الفعل على أنه مشاركة في استهدافه، ومن ثم يكون لهذه الدول نصيب من ردود "الثأر" الإيرانية؟
وفي هذا السياق، كان لافتاً قيام الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي، بالبدء في نشر فوج من الدفاع الجوي، مجهز بمنظومة "باتريوت" المضادة للصواريخ، في مختلف أنحاء الخليج "لطمأنة أصدقائنا وحلفائنا"، على حد قول الرئيس جورج بوش.
ولرفع الحرج عن "حلفائها" في منطقة الخليج، قد تستند الولايات المتحدة في توجيه الضربات الجوية إلى الأسطول الخامس، المنتشر في مياه الخليج وبحر العرب، فضلاً عن "قاعدة دييغو غارسيا" الإستراتيجية في المحيط الهندي، ولاسيما أنها تحتوي على القدرات العسكرية اللازمة لتوجيه الضربات الجوية.
ومن هنا قامت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة بتعزيز مجموعاتها الحربية في مياه الخليج، فأرسلت في مايو/أيار الماضي حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" ومجموعتها القتالية، لتنضم إلى نظيرتها "يو إس إس جون سي ستينيس"، وتضم حاملتا الطائرات معاً أكثر من 20 قطعة بحرية، ونحو 140 طائرة.
كما أعلن متحدث باسم الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين في العاشر من يوليو/تموز، بأن حاملة الطائرات النووية "يو إس إس إنتربرايز" تحركت من قاعدتها في نورفلك، بولاية فرجينيا، في طريقها إلى منطقة الخليج، وأن مجموعتها المقاتلة ستنضم إلى القيادة المركزية الوسطى، من دون أن يشير إلى ما إذا كانت ستتولى مهام أي من حاملتي الطائرات "ستينيس" و"نيميتز".
ويأتي نشر الولايات المتحدة الحاملة الثالثة في منطقة الخليج بهدف تعزيز قدرة البحرية الأمريكية على "مواجهة التصرفات المثيرة للاضطراب والفوضى التي تقوم بها بعض الدول (أي إيران)،" وفق البيان الصادر عن قائد الأسطول الخامس، الأميرال كيفن كوسغريف في اليوم نفسه.
ويعد إرسال الحاملة الثالثة إلى مياه الخليج عملية الانتشار الأكبر في الأسطول الخامس منذ غزو العراق عام 2003.
ومن جهة أخرى، قد تستعين القوات الأمريكية بالقواعد العسكرية في كل من أوروبا وفي أراضيها، وربما تستخدم الأراضي العراقية التي ينتشر فيها نحو 160 ألف جندي أمريكي، إضافة إلى الأراضي الأفغانية التي ينتشر فيها نحو 25 ألف جندي.
مراقبون شددوا على ضرورة أن عدم إغفال دور إسرائيل في مثل هذه العملية، إذ تشير التحليلات إلى أن الضربة قد تكون أمريكية- إسرائيلية مشتركة، ولاسيما أن سلاحي الجو الإسرائيلي والأمريكي باشرا في العاشر من يونيو/حزيران الماضي مناورات ضخمة جنوب إسرائيل، تحسباً لاحتمال شن عملية عسكرية مشتركة ضد المنشآت النووية الإيرانية، كما أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي (نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"، 11/6/2007).
وعلى أي حال، فإن المحللين والمراقبين مازالوا يستبعدون أن تلجأ الولايات المتحدة إلى خيار الحسم العسكري لأزمة الملف النووي الإيراني، في الوقت الحالي، حتى استنفاد خيار التسوية السياسية الذي قد تدفع إليه العقوبات الدولية، ولاسيما أن تقارير الخبراء الدوليين (مثل تقرير الباحثين ديفيد أولبرايت وكوري هندرشتاين، المنشور في نهاية مارس/آذار 2006) تميل إلى أن إيران لن تمتلك - مهما كانت الطرق التي ستسلكها - قنبلة نووية قبل العام 2009.
المصادر
• مركز الخليج للأبحاث، "الخليج في عام 2003،" دبي، 2004.
• "Jane's Sentinel: Security Assessment- The Gulf States", Issue 19, 2006.
• International Institute for Strategic Studies (IISS), "The Military Balance 2005-2006," London, 2006.
• موقع الأسطول الأمريكي الخامس على الإنترنت (http://www.cusnc.navy.mil).
_________________